المشاركات الشائعة

الخميس، 16 فبراير 2012

إلاعلام "الكنبة".. القاتل

تزداد يوما بعد يوم حدة واستماتة بعض وسائل الإعلام في الدفاع عن مصالحها، أو بالأحرى الدفاع عن مصالح من تمثلهم هذه الوسائل أو من يمولونها، سواء كانت تمثل تيارا سياسيا أو كيانا اقتصاديا مرتبطا بوضع سياسي معين أو حتى مرتبطة بالإعلانات ورغبات المعلنين. فقد صارت بعض هذه الوسائل الإعلامية أبواقا تزعج هدوءنا وتؤذي أعيننا وتهدد السلم العام وتضرب وحدة المجتمع.

المسألة مسالة ضمير وإحساس بالمسئولية الوطنية، ونحن لم نكن ولن نكون أوصياء على أحد أو نزايد على وطنية أحد، ولكننا عندما نجد أوطاننا تنهار تحت أقدام إعلام غير مسئول يسعى إلى تأجيج الفتنة ويحرض أبناء الشعب الواحد ضد بعضهم البعض هنا يجب أن نمارس بعضا من الإنسانية والضمير المهني ونقول: بأن الحرية والديمقراطية التي تنادي بها بعض الشعوب العربية ويسعى إليها الشباب تؤرق مضاجع البعض وتهدد مصالحهم التي بنوها من خلال امبراطوريات الفساد التي قمعت الشعوب وقتلت الحلم في نفوسهم، فأصبحوا مدمنين للخنوع والانبطاح، حتى أن خبر موت الشباب المتعلم الواعي الذي كان من المفترض أن يبني بسواعده الوطن لا يشكل عندهم أي فرق وأصبح الناس يستمعون لهذه الأخبار كأنهم يستمعون للنشرة الجوية!!

استطاع إعلام "الكنبة" أن يجل احساس البعض متبلدا وأن يقلب الحقائق ويزيف الواقع، ولكن الأسوأ هو أن يتجاوب الناس مع هكذا إعلام ويصدقونه وهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنه إعلام مضلل ومزيف، بل إنه إعلام قاتل بكل ما للكلمة من معنى، ولكن الناس يؤثرون السلامة ويحاولون أن يتعايشوا مع نفوسهم اللوامة التي تلومهم ليل نهار على خنوعهم وانبطاحهم وتسليمهم عقولهم وأنفسهم لهذا النوع من الإعلام.

قبل أيام انتقل إلى رحمة الله الكاتب الساخر الكبير جلال عامر، وكان موته إثر أزمة قلبية تعرض لها عندما وجد أبناء الوطن الواحد يتقاتلون مع بعضهم البعض نتيجة تحريض هذا النوع من الإعلام للناس، فلم يستطع الساخر أن يتحمل هذا المشهد فأصيب بأزمة قلبية على الفور وسقط ميتا بعدها بيوم في المستشفى.

إننا عندما نصف هذا النوع من الإعلام الذي يعمل من أجل المصالح الضيقة والصغرى ونقول بأنه إعلام قاتل فنحن نعني ذلك حرفيا، فلقد أصبح الإعلام لدى البعض آلة للقتل والتكسب السياسي على حساب أي شيء حتى ولو كان على حساب أرواح الناس.

السبت، 24 سبتمبر 2011

القوة 140

لا شك أن الناظر بعمق فيما تشهده الساحة السياسية العربية من تحولات معظمها تحولات حادة لا يستطيع بحال من الأحوال أن يفصل طغيان الإعلام الجديد ووسائل الاتصال الحديثة –وخصوصا تويتر وفيسبوك ويوتيوب- عن المشهد العربي الآني..إننا لم نكن مبالغين حينما قلنا أن المستقبل السياسي في عالمنا العربي سوف ترسم ملامحه هذه الوسائل الإعلامية الجديدة التي أصبحت تحتل مركز الصدارة بالنسبة لشريحة كبيرة من شباب هذا الجيل.. جيل الربيع العربي كما يحلو للبعض تسميته.

ولكني أريد هنا أن أقف وقفة سريعة أمام تويتر بالتحديد..لأن تويتر يختلف اختلافا ملحوظا عن غيره من الوسائل الإعلامية والاتصالية الجديدة.. فالشكل والمحتوى والدينامكية في تناقل الأخبار وسرعة انتشارها وحتى في مستخدميه يختلف اختلافا كبيرا عن غيره من تلك الوسائل.

بل والأكثر من ذلك هو أننا أصبحنا نجد معظم برامج التوك شو والبرامج الإخبارية والحوارية تأخذ موادها مما يتناقله أعضاء تويتر..بل إنهم كذلك عادة ما يشيرون إلى ما يعرف على تويتر بـ"الهاشتاج" وهي عملية فهرسة لموضوع ما يتناقش فيه المتوترون بشكل يُسهل الرجوع إليه بعد ذلك عن طريق هذا الهاشتاج.

أما نوعية المتوترين أو مستخدمي تويتر أو "التويبس" كما يطلق عليهم على تويتر فهم عبارة عن شرائح مختلفة تضم شخصيات عامة ووزراء سابقين وحاليين وكتاب وصحافيين وسياسيين واقتصاديين ونشطاء ووزارات وهيئات وفضائيات ووكالات أنباء ومؤسسات نفع عام..فمن كان يتخيل أن يكون لرئاسة الوزراء المصرية ووزارة الداخلية والخارجية حساب على تويتر يتواصلون من خلاله مع الشريحة الأهم والأقوى والأكثر حراكا في المجتمعات العربية وهو المتوترون؟!! ونستطيع أن نقول أن مستوى الوعي السياسي والثقافي أعلى بين مستخدمي تويتر عن أي وسيلة أخرى.

وذلك لا يمنع وجود بعض الألفاظ الخارجة أحيانا..كما أن هناك قدرا كبيرا من السخرية في مناقشة بعض القضايا السياسية..فتلك ميزة أخرى من مميزات تويتر وهي أن القضايا تتم مناقشتها في قالب ساخر..خصوصا بين المتوترين المصريين.

وهناك العديد من أساتذة العلوم السياسية والمشتغلين بالسياسة يقررون لهذا الجيل –الذي يشرفني أن أنتمي إليه- بتوقد الذهن وارتفاع مستوى الوعي بالقضايا الآنية..حتى أنك لا تجد قرارا ما لا يتدخل فيه الشباب ويقتلونه بحثا ونقاشا.

ونستطيع القول أن هذه النافذة التي لا تستطيع أن تحتوي أكثر من 140 حرفا قد ساهمت إلى حد كبير في تغيير الكثير من جوانب الواقع السلبي الذي كنا نعيشه جيلا بعد جيل..حتى صار من بيدهم القرار السياسي والاقتصادي يقيمون وزنا لما يُكتب على هذه النافذة الصغيرة الحجم والكبيرة التأثير.