المشاركات الشائعة

السبت، 24 سبتمبر 2011

القوة 140

لا شك أن الناظر بعمق فيما تشهده الساحة السياسية العربية من تحولات معظمها تحولات حادة لا يستطيع بحال من الأحوال أن يفصل طغيان الإعلام الجديد ووسائل الاتصال الحديثة –وخصوصا تويتر وفيسبوك ويوتيوب- عن المشهد العربي الآني..إننا لم نكن مبالغين حينما قلنا أن المستقبل السياسي في عالمنا العربي سوف ترسم ملامحه هذه الوسائل الإعلامية الجديدة التي أصبحت تحتل مركز الصدارة بالنسبة لشريحة كبيرة من شباب هذا الجيل.. جيل الربيع العربي كما يحلو للبعض تسميته.

ولكني أريد هنا أن أقف وقفة سريعة أمام تويتر بالتحديد..لأن تويتر يختلف اختلافا ملحوظا عن غيره من الوسائل الإعلامية والاتصالية الجديدة.. فالشكل والمحتوى والدينامكية في تناقل الأخبار وسرعة انتشارها وحتى في مستخدميه يختلف اختلافا كبيرا عن غيره من تلك الوسائل.

بل والأكثر من ذلك هو أننا أصبحنا نجد معظم برامج التوك شو والبرامج الإخبارية والحوارية تأخذ موادها مما يتناقله أعضاء تويتر..بل إنهم كذلك عادة ما يشيرون إلى ما يعرف على تويتر بـ"الهاشتاج" وهي عملية فهرسة لموضوع ما يتناقش فيه المتوترون بشكل يُسهل الرجوع إليه بعد ذلك عن طريق هذا الهاشتاج.

أما نوعية المتوترين أو مستخدمي تويتر أو "التويبس" كما يطلق عليهم على تويتر فهم عبارة عن شرائح مختلفة تضم شخصيات عامة ووزراء سابقين وحاليين وكتاب وصحافيين وسياسيين واقتصاديين ونشطاء ووزارات وهيئات وفضائيات ووكالات أنباء ومؤسسات نفع عام..فمن كان يتخيل أن يكون لرئاسة الوزراء المصرية ووزارة الداخلية والخارجية حساب على تويتر يتواصلون من خلاله مع الشريحة الأهم والأقوى والأكثر حراكا في المجتمعات العربية وهو المتوترون؟!! ونستطيع أن نقول أن مستوى الوعي السياسي والثقافي أعلى بين مستخدمي تويتر عن أي وسيلة أخرى.

وذلك لا يمنع وجود بعض الألفاظ الخارجة أحيانا..كما أن هناك قدرا كبيرا من السخرية في مناقشة بعض القضايا السياسية..فتلك ميزة أخرى من مميزات تويتر وهي أن القضايا تتم مناقشتها في قالب ساخر..خصوصا بين المتوترين المصريين.

وهناك العديد من أساتذة العلوم السياسية والمشتغلين بالسياسة يقررون لهذا الجيل –الذي يشرفني أن أنتمي إليه- بتوقد الذهن وارتفاع مستوى الوعي بالقضايا الآنية..حتى أنك لا تجد قرارا ما لا يتدخل فيه الشباب ويقتلونه بحثا ونقاشا.

ونستطيع القول أن هذه النافذة التي لا تستطيع أن تحتوي أكثر من 140 حرفا قد ساهمت إلى حد كبير في تغيير الكثير من جوانب الواقع السلبي الذي كنا نعيشه جيلا بعد جيل..حتى صار من بيدهم القرار السياسي والاقتصادي يقيمون وزنا لما يُكتب على هذه النافذة الصغيرة الحجم والكبيرة التأثير.